مسابقة ليالي الخير 6 | الحلقة 18
جزيرة سقطرى: لؤلؤة اليمن وسحر الطبيعة والأساطير

تُعَدّ جزيرة سقطرى أكبر الجزر اليمنية، وهي درة بحر العرب الفريدة، حيث تمتزج الأساطير بالجمال الطبيعي الأخّاذ، لتخلق مشهدًا وكأنه قطعة من الجنة. تبلغ مساحة الجزيرة 3650 كيلومترًا مربعًا، ويقطنها حوالي 100 ألف نسمة، غالبيتهم يعملون في الزراعة والصيد وتنمية المواشي، كما يحافظون على تقاليدهم العريقة ولهجتهم السقطرية التي تعكس هويتهم الفريدة.
تتميز الجزيرة بتضاريس متنوعة، حيث تمتد فيها جبال شامخة تتوجها قمة حجهر بارتفاع 1500 متر عن سطح البحر، بالإضافة إلى هضاب وسطى وسهول ساحلية وأودية خصبة تغذيها الشلالات المنحدرة من أعالي الجبال. هذه الطبيعة المتنوعة تجعل من سقطرى مكانًا فريدًا يضم لوحات طبيعية ساحرة وأماكن تأسر القلوب بجمالها البري.
حديبو، عاصمة الجزيرة، ليست مجرد مدينة صغيرة، بل هي قلب نابض بالحياة يعكس روح سقطرى ببيوتها التقليدية وأسواقها البسيطة، حيث يعرض السكان منتجاتهم المحلية من العسل السقطري الشهير، واللبان، والأعشاب الطبية النادرة، والتي تُعد إرثًا طبيعيًا فريدًا تشتهر به الجزيرة.
بشهادة دولية، تُعد سقطرى أكبر محمية طبيعية في بحر العرب، حيث تلتقي الحياة البرية والبحرية في لوحة بديعة. فهي موطن لأندر الأشجار والنباتات في العالم، مثل شجرة دم الأخوين التي تبدو كالمظلة العملاقة، وأشجار اللبان التي كانت تُستخدم قديمًا كبضائع ثمينة تُصدر إلى ممالك العالم القديم. كما تضم الجزيرة أكثر من 700 نوع من النباتات الفريدة، مما يجعلها متحفًا طبيعيًا مفتوحًا للعلماء ومحبي الطبيعة.
سقطرى ليست فقط موطنًا للنباتات النادرة، بل هي أيضًا ملاذ للطيور الداجنة والمهاجرة، التي تجد في بيئتها الآمنة ملجأً للتفريخ والعيش. أما البحر المحيط بالجزيرة، فهو لوحة من الأزرق الفيروزي، حيث تعيش فيه الشعاب المرجانية والأسماك الملونة والدلافين، مما يجعلها وجهة مثالية لمحبي الغوص والاستكشاف البحري.
في عمق جبالها، تخفي سقطرى أسرارًا لا يعرفها الكثيرون، فهناك كهوف ومغارات كانت مأهولة قديمًا ولا تزال بعض العائلات تعيش داخلها مع مواشيها، مستفيدة من تكوينها الطبيعي لحماية أنفسها من الطقس القاسي. بعض هذه المغارات واسعة لدرجة أن الزوار يمكنهم دخولها بسياراتهم، ما يضفي عليها طابعًا فريدًا ومثيرًا.
يقال إن سقطرى ارتبطت بأساطير الرحالة القدامى الذين وصفوها بأنها “أرض العجائب”، حتى إن بعض الروايات تشير إلى أنها كانت موطنًا لطائر الرخّ الأسطوري. لكن الحقيقة أن الجزيرة لا تحتاج إلى أساطير لتبهر من يزورها، فجمالها الطبيعي، وهدوءها الساحر، وثقافتها الفريدة، تجعلها واحدة من أجمل الوجهات السياحية غير المكتشفة في العالم.
إذا كنت تبحث عن مكان خارج الزمن، حيث يلتقي الجمال بالحضارة القديمة، والطبيعة بالأسرار، فإن سقطرى هي الوجهة المثالية، حيث كل زاوية تحكي قصة، وكل نسمة هواء تحمل عبق المغامرة!