مسابقة ليالي الخير 6 | الحلقة 14

الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني من كبار علماء اليمن في القرن الثاني عشر الهجري، اشتهر بعلمه الغزير وتمسكه بالكتاب والسنة، ونبذه للتقليد والتعصب. وُلد ليلة الجمعة منتصف جمادى الآخرة سنة 1099هـ في مدينة كحلان عفار، ومنها جاء لقبه “الكحلاني”. نشأ في بيئة علمية، وانتقل مع والده إلى صنعاء وهو في الثامنة من عمره، حيث أقبل بشغف على طلب العلم، ففاق أقرانه وزاحم شيوخه حتى أصبح من روّاد الاجتهاد في عصره.

تلقّى العلم على يد كبار علماء اليمن، ومنهم السيد زيد بن محمد والسيد صلاح بن الحسين الأخفش، كما تتلمذ على يد علماء الحرمين أثناء رحلته إلى مكة والمدينة، مثل عبدالرحمن بن أبي الغيث وسالم بن عبدالله البصري. برع في مختلف العلوم الإسلامية، لا سيما الحديث والفقه، حتى صار من أبرز المجتهدين في اليمن، حيث نشر السنة بين طلابه وحرص على تنقية الفقه مما لا يستند إلى أدلة شرعية.

تميز الإمام الصنعاني بشخصية قوية وفكر مستقل، وكان يدعو إلى ترك التعصب والجمود، كما أنكر التوسل بالموتى، ورأى فيه طريقًا إلى الشرك. تصدّر للتدريس في جامع صنعاء ومدرسة الإمام شرف الدين، وأصبح له تأثير كبير في نشر علوم الحديث بين أهل اليمن. ورغم مكانته العلمية، واجه معارضة شديدة من بعض الفقهاء المتعصبين، مما أدى إلى محن شديدة وصلت إلى حبسه نحو شهرين، بل وتآمر البعض على قتله، إلا أن الله حفظه من كيدهم.

نال الإمام الصنعاني ثناء العلماء الكبار، فقال عنه الإمام الشوكاني: الإمام المجتهد المطلق، صاحب التصانيف، برع في جميع العلوم وفاق الأقران. كما امتدحه الشاعر محمد بن إسحاق المهدي في قصيدة رائعة، قال فيها:

لله درك يا بن إسماعيلا              لم تتركن فتى سواك نبيلا
حزت الفخار قليله وكثيره            هلا تركت من الفخار قليلا

ترك الإمام الصنعاني إرثًا علميًا ضخمًا، من أشهره:سبل السلام شرح بلوغ المرام – من أهم كتب الحديث.

توضيح الأفكار شرح تنقيح الأنظار – في علم الحديث.

تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد – في العقيدة.

التنوير شرح الجامع الصغير للسيوطي – في أربعة مجلدات.

الأدلة الجلية في تحريم النظر إلى الأجنبية.

بعد حياة حافلة بالعلم والإصلاح، توفي الإمام الصنعاني يوم الثلاثاء 3 شعبان 1182هـ، ودُفن غربي منارة جامع المدرسة بأعلى صنعاء، مخلفًا وراءه إرثًا علميًا خالدًا.

الفائز في الحلقة