مسابقة ليالي الخير 6 | الحلقة 15

الطلبة اليمنيون: شرارة التغيير التي أسقطت حكم الإمامة

لعب الطلبة اليمنيون دورًا محوريًا في إنهاء حكم الإمامة السلالي الاستبدادي الذي جثم على اليمن لقرون. فمن قاعات الدراسة إلى ساحات النضال، تحولوا إلى قوة ثورية ساهمت في إشعال ثورة 26 سبتمبر 1962 وإسقاط النظام الإمامي. بدأت بوادر التمرد الفكري ضد الإمامة مع إرسال بعثات طلابية إلى مصر والعراق وسوريا في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، حيث كان الأئمة يسعون إلى تحقيق تحديث شكلي دون المساس بسيطرتهم المطلقة. غير أن هذه البعثات أتت بنتائج عكسية، إذ عاد الطلبة محملين بأفكار القومية والتحرر، ليشكلوا نواة وعي مناهض للاستبداد.

داخل اليمن، وجد الطلبة حلفاء لهم في ضباط الجيش المستائين من التخلف والفساد، فبدأوا بتنظيم نوادٍ سرية في مدن مثل تعز وعدن، ينشرون عبرها الفكر التحرري من خلال المنشورات والخطب والأدب الثوري. لم يقتصر نشاطهم على التوعية، بل خاضوا احتجاجات واعتصامات شجاعة ضد قمع الإمام أحمد، الذي واجه أي معارضة ببطش شديد. وفي عام 1961، أُسس “اتحاد الطلاب اليمنيين” في القاهرة، ليكون منبرًا للنضال المنظم، حيث أصبح الطلبة صوتًا دوليًا يكشف انتهاكات النظام الإمامي ويدعو إلى الثورة.

ومع اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962، لم يقتصر دورهم على التحريض الفكري، بل انخرطوا في الثورة كمقاتلين ومنظرين وإعلاميين، يرفعون الروح المعنوية ويديرون الإعلام الثوري، فيما سقط العديد منهم شهداء، وكان من أبرز رموزهم محمد محمود الزبيري، الذي أصبح أيقونة للنضال ضد الإمامة. ورغم التحديات التي واجهتها الثورة بعد انتصارها، يظل إرث الطلبة شاهدًا على قدرة الشباب على إحداث التغيير، إذ أثبتوا أن الفكر والعلم يمكن أن يهزا عروش الطغيان. واليوم، تعيد الأجيال اليمنية الجديدة استلهام هذا الدرس في مواجهة استبداد آخر، مؤكدين أن دورهم في صنع المستقبل لا يزال حيًا ومتجددًا.

الفائز في الحلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى